قرعة صعبة و محرجة لمعظم منتخبات القارة الأفريقية تلك التي أٌعلنت يوم السبت الماضي في لوبومباشي بدولة الكونغو الديمقراطية علي هامش اللقاء النهائي لكأس السوبر الأفريقي الذي توج به مازيمبي علي أرضه و بين أنصاره بعد فوزه علي الملعب المالي بهدفين دون رد.
منتخبات أفريقيا الكبيرة لن تجد هذه التصفيات نزهة سهلة كما هو الحال في السابق وعليها أخذ الأمور بمنتهي الجدية وهي تواجه المنتخبات الواعدة التي تريد أن تأخذ وضعها بين القوي التقليدية في قارة المواهب.
المنتخبات الـ 44 المشاركة في التصفيات تم تقسيمها إلي 11 مجموعة يصعد متصدر كل مجموعة لنهائيات النسخة رقم 28 و معهم أفضل ثلاث منتخبات تحتل المركز الثاني في هذه المجموعات ليكتمل عقد المنتخبات المشاركة في "الكان" بوجود البلدين المنظمين الجابون و غينيا الاستوائية.
وهذه نظره سريعة علي كل مجموعة:
المجموعة الأولى
(مالي و زمبابوي وليبيريا والرأس الأخضر )
رفاق سيدو كيتا وكانوتيه مرشحون فوق العادة لانتزاع صدارة المجموعة رغم خروجهم من الدور الأول في نهائيات غانا و أنجولا و ستكون فرص الثلاثي زيمبابوي و الرأس الأخضر و ليبيريا متساوية في احتلال المركز الثاني في المجموعة، وإن كان هذا التكافؤ سيؤثر بالطبع في حصيلة هذا الثلاثي وبالتالي ضعف فرصه في الصعود كأحسن الثواني.
المجموعة الثانية
(نيجيريا وغينيا وإثيوبيا ومدغشقر)
بالطبع قمة المجموعة محجوزة لنسور نيجيريا الخضر أصحاب المركز الثالث في النسخة الأخيرة، من بعدهم يأتي المنتخب الغيني الذي ظهر بصورة غير طبيعية في الآونة الأخيرة و فشل في إدراك النهائيات الأخيرة رغم ظهور زملاء باسكال فيندونو بصورة جيدة خلال نسختي مصر 2006 و غانا 2008، منتخبا إثيوبيا و مدغشقر سيكون التنافس بينهما حاداً لتفادي احتلال قاع هذه المجموعة.
المجموعة الثالثة
(زامبيا وموزمبيق وليبيا وجزر القمر)
المنتخب العربي الليبي في موقف لا يحسد عليه في هذه المجموعة لأن مشاركة منتخبي زامبيا و موزمبيق في كأس الأمم الأخيرة أعطت لهما ثقة كبيرة لاسيما منتخب "الرصاصات النحاسية" التي انطلقت بصورة مذهلة في نهائيات أنجولا و تمكنت من تجاوز الدور الأول لأول مرة منذ نهائيات جنوب أفريقيا 1996 مع المدرب الفرنسي الشاب هيرفي رينار، أحفاد عمر المختار مطالبون بالاستعداد الجدي لو أرادوا تجاوز الثنائي زامبيا وموزمبيق، أما أشقاءهم في جزر القمر فالمركز الرابع و الأهداف الغزيرة في انتظارهم و إن كان اكتساب الخبرة سيكون مكسبهم الوحيد.
المجموعة الرابعة
(الجزائر والمغرب وتنزانيا وإفريقيا الوسطى)
ربما ساهم فارق الخبرة و الإمكانات البشرية في صعود منتخبي الجزائر و المغرب عن هذه المجموعة، أحدهما كمتصدر و الأخر كأفضل المنتخبات الثلاث التي تحتل المركز الثاني.
علي صعيد التنافس الثنائي بين عملاقي الشمال الأفريقي لتصدر المجموعة لن يقلل تألق زملاء كريم زياني الأخير من فرص رفاق مروان الشماخ في إعادة أمجادهم كمنتخب أفريقي كبير و متمرس، و ستكون ثقة "محاربي الصحراء" مردود عليها برغبة"أسود أطلس في إعادة نغمة تألقهم، وفي كل الأحوال هناك فرصة لمشاهدة لقاءات مثيرة لهذه المجموعة في ظل مناوشات المنتخب التنزاني ومفاجآت أفريقيا الوسطي.
المجموعة الخامسة
(الكاميرون والسنغال وجمهورية الكونغو الديمقراطية وموريشيوس)
مجموعة تضم ثنائي بحجم الكاميرون و جمهورية الكونغو اللذين توجا بست بطولات و معهم المنتخب السنغالي الذي بلغ ربع نهائي مونديال كوريا و اليابان عام 2002 و هو نفس العام الذي صعد خلاله للنهائي لأول مرة في تاريخه علي أرض مالي، نقول مجموعة كهذه لابد أنها الأقوى بين كل المجموعات و لن يقلل من هذا الحكم وجود منتخب غير مصنف ومرشح للمركز الأخير بجدارة هو منتخب الموريشيوس.
زملاء الهداف التاريخي "للكان" صامويل إيتو غادروا نسخة أنجولا أمام عقدتهم الأزلية مصر لذلك يأملون في تصدر هذه المجموعة للعودة من جديد للنهائيات علهم يسترجعون ذاكرة التتويج التي غابت عنهم منذ جيل باتريك مبوما الذي توج بلقبين متتالين بداية الألفية الجديدة.
من جانبه يسعي منتخب الكونغو الديمقراطية و نظيره السنغالي - اللذين غابا عن نهائيات أنجولا - يسعيان للتألق في هذه المجموعة و إحداث مفاجأة ستكون مدوية لو فرض أحدهما نفسه و انتزع الصدارة و كل شيء ممكن ما دمنا نتحدث عن لعبة اسمها كرة القدم.
المجموعة السادسة
(بوركينا فاسو وناميبيا وجامبيا وموريتانيا)
المنتخب العربي الموريتاني سيكون مطالباً بإظهار كامل قدراته و تطوير أداءه لو أراد تفادي تزيل هذه المجموعة التي تضم ثلاثي يسبقه في الخبرة و التجربة علي صعيد المنافسات الأفريقية.
"خيول بوركينا" التي ظهرت بشكل جيد في تصفيات القارة المزدوجة لكأس العالم و كأس الأمم بأنجولا قبل أن تغادر النسخة رقم 27 من الدور الأول بعد تعادل بطعم الفوز مع كوت ديفوار و خسارة أمام غانا، مرشحة للعودة مجدداً للنهائيات و لكنها ستجد منافسة حامية الوطيس من جانب المنتخب الجامبي المرشح للظهور بشكل مختلف بعد أن اكتسب الخبرة في عدة تصفيات سابقة، منتخب نامبيا الذي ذاق بدورة حلاوة اللعب مع كبار القارة من قبل أمامه فرصة للمنافسة بقوة مع جامبيا علي المركز الثاني، أما منتخب موريتانيا فإن ابتعاده عن المركز الأخير في هذه المجموعة يعد إنجاز كبير جداً له في الوقت الحالي.
المجموعة السابعة
(مصر وجنوب إفريقيا وسيراليون والنيجر)
مخطأ من يتصور أن طريق أبطال أفريقيا في النسخ الثلاث الأخيرة للنهائيات وللمرة الثالثة والعشرين في تاريخهم مفروشاً بالورود وأن أمر صعودهم للنهائيات ودفاعهم عن اللقب مسألة وقت لا أكثر و لا أقل علي أساس قلة خبرة منتخبي سيراليون و النيجر في هذه المواعيد من ناحية و أن منتخب"البافانا بافانا" لم ينجح في تجاوز المرحلة الثانية للتصفيات الثنائية للمونديال و كأس الأمم و غاب لأول مرة عن نهائيات كأس الأمم منذ عودته للمشاركات القارية وفوزه بلقبه الوحيد علي أرضه عام 1996 من ناحية أخري.
الواقع يقول أن المظهر الذي أظهره زملاء نجم إيفرتون ستيفين بينار في كأس القارات التي نظموها علي أرضهم صيف العام الماضي و كذلك اكتسابهم للمزيد من الخبرة و الثقة خلال مشاركتهم في كأس العالم التي يستضيفوها علي أرضهم ووجود مدرب بحجم وشهرة البرازيلي كارلوس البرتو باريرا كلها أمور تحتم علي "منتخب الساجدين" العمل بأقصى طاقته لضمان احتلال صدارة هذه المجموعة وعدم الركون للعوامل السابقة و كذلك التفوق التاريخي له علي منتخب بلد المناضل مانديلا.
منتخبا سيراليون و النيجر يملكان فرصة ذهبية للاحتكاك مع مدرستين من أهم المدارس الكروية الأفريقية أما مسألة تفكير أحدهما في أحد المركزين الأول و الثاني فيعتبر درب من دروب الخيال.
المجموعة الثامنة
(كوت ديفوار وبنين ورواندا وبوروندي)
بعد مشاركة كوت ديفوار المخيبة في أنجولا 2010 و تحطم أمال رفاق ديديه دروجبا علي صخرة أبناء بلد المليون و نصف المليون شهيد في ربع النهائي، يأمل منتخب "الأفيال" في العودة مجدداً للنهائيات علي أمل استعادة حلم التتويج الوحيد له في السنغال 1992.
"المنتخب البرتقالي" المدجج بجيش من نجوم العديد من أندية أوربا الكبرى لن يجد صعوبة كبيرة في تجاوز المنتخب البنيني الذي شارك في نهائيات أنجولا و غادر البطولة من الباب الصغير لأنه لم يقوي علي الصمود أمام عملاقين بحجم مصر ونيجيريا، و سيكون أمل زملاء الهداف رزاق أموتويوزي التفوق علي الجارتين رواندا و بورندي عله يجد فرصة لمشاركة أخري كأحسن الثواني.
من جانبه أثبت منتخب رواندا علو نجمه علي جاره في الآونة الأخيرة مما يجعل المركز الأخير في المجموعة محجوز باسم بورندي.
المجموعة التاسعة
(غانا والكونغو والسودان وسوازيلاند)
مجدداً أوقعت القرعة "صقور الجديان" مع المنتخب الغاني الذي بلغ نهائي النسخة الأنجولية و قدم مع مدربه الصربي و نجومه الشباب أداء أقنع الجميع.
المنتخب العربي الذي توج بالبطولة علي أرضه عام 1970 علي حساب غانا نفسها من الصعب الحديث عن تصدره لهذه المجموعة وفقاً لكل المعطيات و لكن حلوله ثانياً وتفوقه علي الكونغو و سوازيلاند أمر في المتناول خصوصاً أنه تجاوز المنتخب الكونغولي في المرحلة الثانية من التصفيات الماضية.
المركز الأخير في المجموعة و ربما خلو الرصيد من أي نقطة واقع ينتظر منتخب سوازيلاند قليل الخبرة.
المجموعة العاشرة
(انجولا وكينيا وأوغندا وغينيا بيساو)
بعد أن أنقذها تنظيمها للنهائيات من الابتعاد عن المشاركة مع كبار القارة تسعي أنجولا للمشاركة مجدداً في النهائيات في غينيا الاستوائية و الجابون عندما تتنافس مع منتخبات كينيا و أوغندا و غينيا بيساو في هذه المجموعة.
رفاق الهداف أمادو فلافيو الذين غادروا البطولة من ربع النهائي أمام غانا بفضل هدف جيان أسامواه تنتظرهم مهمة ليست سهلة في مواجهة طموح المنتخب الكيني ونظيره الأوغندي، أما منتخب غينيا بيساو فسيكون حصالة هذا الثلاثي والمتفوق عليه في كل شيء.
المجموعة الحادية عشرة
(تونس ومالاوي وتشاد وبوتسوانا)
الحديث عن سهولة هذه المجموعة بالنسبة "لنسور قرطاج" أمر غاية في الغرابة لأنهم مطالبون بالتفوق علي منتخب أفريقي واعد هو منتخب مالاوي الذي أظهر إمكانات وقدرات لا بأس بها مؤخراً توجها بفوز تاريخي علي منتخب الجزائر بثلاثية بيضاء في المجموعة الأولي التي ضمت المنتخبين مع أنجولا ومالي.
إذن لابد أن يأخذ زملاء أمين الشرميطي الأمور بمنتهي الجدية و يقاتلون منذ البداية حتى لا يتعرضون لموقف حرج كهذا الذي واجهوه أمام بوركينافاسو في المرحلة الثانية و نيجيريا في المرحلة الحاسمة في تصفيات أفريقيا الثنائية لكأس العالم التي فقدوا بطاقتها في الأمتار الأخيرة وكأس الأمم التي غادروها من الدور الأول لأول مرة منذ فترة كبيرة.
علي الجانب الأخر سيكون لمنتخبي تشاد و بوتسوانا دور كبير في حسم الصدارة لأحد منتخبا تونس ومالاوي خصوصاً في المواجهات التي تقام علي أرض هذين البلدين.
أخيراً نقول أن هذه التوقعات لا تعدو أمور نظرية علي الورق فقط و لكن الأمر مختلف علي أرض الميدان، لأن كرة القدم لا تعترف إلا بالجهد و العرق المساندين بعوامل التوفيق و الجاهزية خلال فترة التصفيات التي يسعي كبار القارة وصغارها لنيل المشاركة بها كواحدة من أهم و أكبر بطولات كرة القدم في العالم.